حقوق الصورة تعود لوكالة المغرب العربي للأنباء

حقوق الصورة تعود لوكالة المغرب العربي للأنباء

أصابتنا الدهشة حين سمعنا عن تقبل حزب النهضة الإسلامي لخسارة الانتخابات، ودهشنا أكثر حين سمعنا أكثر من مرة أن رئيس أكبر حزب سياسي إسلامي بالمغرب، يردد شعار: “لست إسلاميا”.

إنهم الإسلاميون يا سادة، ظهروا بعلمانية أكثر من العلمانيين أنفسهم، ساوموا بمنطق المصلحة الوطنية، تخلوا عن شعارات الخلافة، لصالح دولة مدنية عادلة، راجعوا طرق اشتغالهم، ومدوا يدهم للجميع، للتعاون في بناء الوطن.

أليس كافيا أن يخسر حزب إسلامي الانتخابات؟ ليبرهن أنه فقط حزب سياسي مدني يسعى لتحقيق حياة أفضل للمواطنين؟ أليس كافيا أن يتحالف حزب العدالة والتنمية المغربي مع قوى اشتراكية وليبرالية، لتسيير مصالح المواطنين؟

لكنهم لا يريدون ذلك، هم خططوا منذ البداية لأن يشهر أصحاب اللحى سيوف الخلافة، ويعلقوا رايات الجهاد فوق قباب البرلمانات، لينقضوا عليهم كدعاة للتحرير والمساواة، لينكلوا بهم في السجون، كما حصل في مصر، وكما يحصل في سوريا واليمن والعراق وليبيا.

أخطأ خطأ فادحا، من راهن على إفشال الإسلاميين لصالح بقاء الوضع كما كان، المشكل يا سادة ليس إسلاميون معتدلون، وآخرون متشددون، المشكل، هو أن من ألف دفئ خيمة القبيلة، لم يستوعب حين أطلت عليه العاصفة، أن ملامح القرية تغيرت بفعل عوامل الطبيعة.

ما تغير هو طريقة تفكير، طريقة رؤية للحياة، المواطن العربي بدأ يفتح عينيه على عالم لم يكن يحلم به، بدأ يقارن بينه وبين مواطن سويسري يعيش في رخاء وأمن، لن تنفع المليارات التي تنفق ليستقر الحكم العسكري بمصر، فالمسألة دائما، لا تتعلق بالإخوان، إنما بشعب.

جماعة الإخوان تم إفشال تجربتها، لسبب بسيط، هو أن من يحكم مصر لم يكن رجلا يوما، إنما مؤسسة عسكرية ضخمة، تحمي مصالحها بقوة، إضافة إلى أن الجماعة أخطأت في تقديرها لقوتها، وراهنت على الشارع الذي لم يصمد طويلا أمام شناعة القتل الذي ووجه به.

في تونس والمغرب، نموذجان للتغيير يتجهان نحو تحقيق نقلة نوعية في طريقة الحكم بالعالم العربي، تونس عقدت قرانها مع عهد اللاعودة للحزب الواحد والاستبداد، تعاقدت مع الصندوق، والمغرب بطريقة حكمه المتشعبة والمعقدة، تعاقد مع حكومة يقودها حزب ذو مرجعية إسلامية، لإنقاذ البلاد من سيناريو أسود كما يحدث مع الجيران، وفي حالة نجاح التعاقد، وهو المتوقع، سيدخل المغرب في مرحلة جديدة تماما، مرحلة الانتقال إلى ملكية صورية أكثر، وحكومة منتخبة قوية أكثر، وتراجع للسلطات العرفية التي كانت تحكم انطلاقا من دستور غير معلن، مواز للدستور المكتوب.

في كلا البلدين، هناك منطق جديد، يتربص به من ألف الحكم على طريقة القبيلة التقليدية، ويسانده من يرى أن البقاء للأصلح.